في مجلس الأمن، مسؤولان أمميان رفيعان يؤكدان على ضرورة اتباع نهج جماعي متجدد في سبيل مكافحة الإرهاب

آخر نشرة أخبار

انفوغراف

الأمم المتحدة

عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا صباح الخميس بعنوان: “التهديدات التي تواجه السلم والأمن الدوليين من جراء الأعمال الإرهابية: النهج العالمي لمكافحة الإرهاب – المبادئ وسبل المضي قدما”.

وفي بداية الاجتماع وقف أعضاء المجلس دقيقة صمت حدادا وتكريما لكل ضحايا الهجمات الإرهابية على مدار السنوات.

وخلال حديثه في الجلسة، قال فلاديمير فورونكوف، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكتب مكافحة الإرهاب إن التهديد العالمي المستمر الذي يشكله الإرهاب لا يتطلب اهتمام المجلس المستمر فحسب، بل يتطلب أيضا اتباع نهج جماعي متجدد، على النحو المبين في تقرير الأمين العام “خطتنا المشتركة”.

وأوضح أن خطة الأمين العام الجديدة للسلام ستحدد سبيلا للمضي قدما في معالجة المخاطر والتهديدات المتقاربة التي لا تشمل الإرهاب فحسب، بل تشمل أيضا النزاع المسلح، وتفاقم حالة الطوارئ المناخية، والفقر وعدم المساواة، والفضاء الإلكتروني غير الخاضع للتنظيم، والتعافي من جائحة كـوفيد-19.

وفي هذا الصدد، كرر دعوة الأمين العام لتعزيز التعددية باعتبارها مسألة ضرورية وليس اختيارا.

تنظيما داعش والقاعدة لا يزالان يشكلان خطرا

على الرغم من الخسائر المستمرة التي تلقاها تنظيمي داعش والقاعدة في صفوف قيادتيهما، فقد أصبح الإرهاب بشكل عام أكثر تفشيا وانتشارا جغرافيا، مما أثر على حياة الملايين في جميع أنحاء العالم، وفقا للسيد فورونكوف.

وفي السنوات الأخيرة، استمرت الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة والجماعات التابعة لهما في استغلال عدم الاستقرار والهشاشة والصراع لدفع أجنداتهما.

“كان هذا هو الحال بشكل خاص في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل، حيث لا يزال الوضع ملحا، حيث تسعى الجماعات الإرهابية لتوسيع منطقة عملياتها. كما ساهمت أنشطة هذه الجماعات في تدهور الوضع الأمني في أجزاء أخرى من القارة، لا سيما في وسط وجنوب أفريقيا”.

أما في أفغانستان، يقول المسؤول الأممي إن الوجود المستمر للجماعات الإرهابية لا يزال يشكل تهديدات خطيرة للمنطقة وخارجها، حيث تحافظ بعض الجماعات على طموحاتها لإجراء عمليات خارجية وأضاف:

“غالبا ما تسعى الجماعات الإرهابية في هذه السياقات وفي سياقات أخرى إلى أجندات متنوعة من خلال استراتيجيات مختلفة، غالبا ما تتكيف بشكل انتهازي. وهي تفعل ذلك جزئيا باللجوء إلى أساليب التمويل غير المشروعة والأنشطة الإجرامية الأخرى، مما يفرض تحديات صعبة أمام استجابات منسقة من جانب الدول الأعضاء”.

لا تزال العديد من الدول تواجه التهديدات الإرهابية
المصدر: مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة

الجماعات الإرهابية تسيء استخدام التكنولوجيا

وأعرب السيد فورونكوف عن القلق إزاء الطريقة التي تسيء بها هذه المجموعات استخدام التطورات في الابتكار التكنولوجي وتتعامل معها للنهوض بأجنداتها. يتضمن ذلك استخدام ألعاب الفيديو على الإنترنت والمنصات المجاورة لتجنيد الأعضاء والدعاية والتواصل وحتى التدريب على الأعمال الإرهابية، على حد تعبيره.

وفي هذا الصدد، رحب باعتماد إعلان دلهي بتوافق الآراء في الاجتماع الخاص للجنة مكافحة الإرهاب الذي انعقد في الهند في تشرين الأول / أكتوبر.

وقال إن مكتب مكافحة الإرهاب سيواصل العمل بشكل وثيق مع كيانات الأمم المتحدة الأخرى، بما في ذلك المديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب، لكفالة معالجة إساءة استخدام الإرهابيين للتكنولوجيات الجديدة والناشئة كأولوية شاملة.

وأبدى قلقه أيضا بشأن تصاعد الهجمات الإرهابية القائمة على كره الأجانب والعنصرية وغير ذلك من أشكال التعصب باسم الدين أو المعتقد. على الرغم من أنه ليس ظاهرة جديدة، إلا أن عددا قليلا من الدول الأعضاء تعتبر هذا التهديد الأسرع نموا أو حتى الأبرز على الأمن الداخلي الذي تواجهه، على حد قوله.

هناك قلق متزايد بشأن إساءة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من قبل الإرهابيين، ولا سيما الإنترنت والتكنولوجيات الرقمية الجديدة.
© Unsplash/Philipp Katzenberger

أربعة مبادئ لمستقبل مكافحة الإرهاب

وأوجز السيد فورونكوف أربعة مبادئ لتوجيه عملنا الجماعي في مكافحة الإرهاب في المستقبل:

أولا، العمل الوقائي. ليس هناك علاج أفضل وأكثر فعالية من الوقاية في سبيل التصدي للتهديد الذي يشكله الإرهاب.

ثانيا، تتطلب معالجة الظروف المعقدة التي تقود الإرهاب استجابات متعددة الأوجه ومتكاملة.

ثالثا، تماشيا مع استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، يجب أن تكون حقوق الإنسان في قلب الاستجابات الفعالة لمكافحة الإرهاب.

رابعا وأخيرا، ينبغي الاستفادة من الترتيبات الإقليمية. بما أن التهديد الذي يشكله الإرهاب هو تهديد عابر للحدود، يجب أن تكون الاستجابات كذلك. توفر النهج الإقليمية فرصة لتصميم الاستجابات لسياقات محددة.

مكافحة الإرهاب تتطلب العمل بصورة شاملة ومنسقة

المشهد الإرهابي مستمر في التطور. تواصل الجماعات الإرهابية، مثل داعش والقاعدة والجماعات التابعة لهما إعادة ضبط أساليبها الاستراتيجية والعملياتية.

هذا ما أكده ويشيونغ شين، المدير التنفيذي بالإنابة للمديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، والذي أوضح أن التهديد الإرهابي أصبح منتشرا ومتنوعا في طبيعته، مع تحول تلك المجموعات والخلايا إلى مزيد من العمل على الصعيد المحلي واللامركزي. “يواصل الإرهابيون استغلال منصات الإنترنت، بما في ذلك منصات الألعاب، للتجنيد والتطرف، وجمع الأموال، والتخطيط للعمليات وتنسيقها، ونشر الدعاية”.

نزحت المجتمعات المحلية بعد الهجمات التي شنتها الجماعات الإرهابية المسلحة في غاو، مالي.
MINUSMA/Harandane Dicko

ثلاثة أجندات رئيسية في اجتماع دلهي

وتطرق المسؤول الأممي إلى الاجتماع الخاص الذي عقدته لجنة مكافحة الإرهاب بشأن مكافحة استخدام التقنيات الجديدة والناشئة لأغراض إرهابية في الهند يومي 28 و29 تشرين الأول/أكتوبر الماضي 2022.

وقال ويشيونغ شين إن الاجتماع شهد مشاركة أصحاب المصلحة الرئيسيين، بما في ذلك الدول الأعضاء ووكالات الأمم المتحدة، المنظمات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وأعضاء شبكة البحث العالمية التابعة للمديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب.

وركز الاجتماع الخاص على ثلاثة مجالات رئيسية: الإنترنت، بما في ذلك منصات وسائل التواصل الاجتماعي والمساحات الإلكترونية ذات الصلة، ومكافحة تمويل الإرهاب وتقنيات الدفع الجديدة، وإساءة استخدام الأنظمة الجوية للطائرات بدون طيار.

إعلان دلهي

وأشار إلى اعتماد اللجنة إعلان دلهي لإعادة تأكيد التزامها بالعمل مع الدول الأعضاء في تحقيق التنفيذ الكامل لجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة للتصدي للتهديدات التي يشكلها الإرهاب.

وأكد السيد ويشيونغ شين على أهمية أن نعمل بطريقة شاملة، تشمل مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة والشركاء في سبيل تحقيق أهدافنا.

افتتاح اجتماع خاص للجنة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في الهند.
Ministry of External Affairs of India

الناجون من هجمات مومباي لا يزالون بانتظار العدالة

واستمع المجلس كذلك إلى إحاطة من أجلي فيجاي كولتي وهي ممرضة وناجية من الهجمات الإرهابية التي وقعت في مومباي في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2008.

وقالت السيد كولتي إنها لا تزال تتذكر هذا الهجوم ويقشعر بدنها كلما تذكرته. وقالت إنها تمكنت من إنقاذ حياة عشرين امرأة حامل والأطفال الذين لم يولدوا بعد. وأضافت قائلة:

“عندما أرى تقارير إخبارية في التلفزيون بشأن هجمات إرهابية في أي مكان في العالم أشعر بتضامن عميق مع الضحايا والناجين الذين سيعيشون بقية حياتهم في صدمة. نحن ضحايا هجمات مومباي… لا نزال ننتظر العدالة”.

موشي برفقة مربيته الشجاعة التي أنقذته من الهجوم الإرهابي في فندي تاج محل في مومباي الهندية.
Courtesy of Moishe Holzberg

وزير خارجية الهند يسلط الضوء على التحديات أمام جهود مكافحة الإرهاب

ومن جانبه، قال وزير الخارجية الهندي سوبرراهمانيام جيشانكار- الذي تترأس بلاده مجلس الأمن لشهر كانون الأول/ديسمبر- إن بلاده واجهت أهوال الإرهاب قبل وقت طويل من أن ينتبه العالم لها بجدية. وأضاف:

“على مدى عقود، فقدنا الآلاف من الأرواح الغالية، لكننا حاربنا الإرهاب بشجاعة. إن مكافحتنا للإرهاب هي الكفاح من أجل حماية حقوق الإنسان لمواطنينا”.

وقال إن إحاطة اليوم تعد تتويجا لجهود الهند في ولايتها في مجلس الأمن لإعادة تنشيط جدول أعمال مكافحة الإرهاب في المجلس. وأضاف أن التهديد أصبح أكثر حدة في السنوات الأخيرة، مع توسع تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية المرتبطة بداعش في أفريقيا.

وسلط السفير الهندي الضوء على ثلاثة تحديات محددة نواجهها اليوم فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، والتي قال إنها تحتاج إلى اهتمام وإجراءات عاجلة من المجتمع الدولي، بما في ذلك من مجلس الأمن:

أولا، قضية تمويل الإرهاب،

ثانيا، الحفاظ على وحدة النهج المتعدد الأطراف تجاه الإرهاب،

ثالثا، الحاجة إلى معالجة المعايير المزدوجة.