الشارقة كيف باتت نموذجاً للسياحة الصديقة للبيئة؟

التواصل الإجتماعي

59,156FansLike
6,273FollowersFollow
5,803FollowersFollow

نشرة الأخبار

في اليوم العالمي للبيئة، وبينما تتجه الأنظار نحو الممارسات المسببة للتلوث واستهلاك الموارد، إذ ترتبط هذه القضية العالمية في الأذهان بقطاعات بعينها، كالصناعات الثقيلة والمنتجات النفطية، وما تتركه من مخلفات يصعب التخلص منها، تأتي السياحة كواحدة من القطاعات التي يمكن أن يشكل الاستثمار فيها لاعباً أساسياً في الحفاظ على البيئة، حيث تشير الأرقام وفقاً لموقع The World Counts إلى أن السياح، منذ مطلع هذا العام فقط، خلفوا أكثر من 885 مليون طن من النفايات، واستهلكوا أكثر من 1.7 مليار لتر من المياه العذبة، فيما تشير التوقعات إلى زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 25٪ مع حلول عام 2030 نتيجة للأنشطة السياحية.

من هنا، تتجه الحكومات حول العالم لتبني الخيارات السياحيّة الصديقة للبيئة، وتفعيل سياسات الاستدامة في القطاع السياحي لإيقاف آثاره السلبية، عبر ترسيخ نمط حياة أخضر، وتطوير تقنيات إدارة النفايات، وتقليل الاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية، والتوسع في إقامة المحميات الطبيعية لحماية الأنواع المهددة بالانقراض.

وعلى مستوى المنطقة العربية، تقدم الشارقة نموذجاً سباقاً في ترسيخ الاستدامة بالقطاع السياحي، حيث لم تعد وجهاتها السياحية مقتصرة على الترفيه والضيافة فقط، بل أصبحت نموذجاً للوجهات التي تتبنى أنماط عمرانية تراعي الترشيد والاستخدام الذكي للموارد، وفرصة لاكتشاف قوة السياحة في حماية الحياة البرية وتوسيع الغطاء النباتي، واستحداث خيارات مبتكرة، تحافظ على التنوع البيولوجي، وتستثمر في التنوع الطبيعي، وتتناسب مع توجهات نسبة كبيرة من السياح في العالم.

عوامل داعمة لازدهار السياحة البيئية

وتسعى الإمارة لاحتلال موقع الصدارة بين الوجهات الرائدة على خارطة السياحة في المنطقة، فقد نجحت في استقطاب ما يزيد على 1.4 مليون سائح عام 2022، مستفيدة من تنوع بيئاتها الحضرية، والساحلية، والجبلية، والصحراوية، ومقدمة تجربة فريدة في خيارات السياحة البيئية أمام السياح والزوار من مختلف أنحاء العالم، حيث تمتلك الإمارة الحصة الأكبر من المحميات الطبيعية في دولة الإمارات، بدءاً بالشواطئ والسبخات، وصولاً إلى غابات الأكاسيا، وبساتين النخيل، ومحميات أشجار القرم.

وتأكيداً لهذا التوجه، قال سعادة خالد جاسم المدفع، رئيس هيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة بمناسبة اليوم العالمي للبيئة: “الاستدامة ليست مجرد جهود وممارسات يومية آلية، بل ثقافة وفكرٌ نؤمن في الشارقة بأهمية تأصيله للأجيال القادمة، ليستمر كنهجٍ وسلوك واعٍ، فالالتزام بالممارسات المستدامة خاصة في القطاع السياحي، يعزز العلاقة التكافلية بين الإنسان والطبيعة، لأن تحقيق الأهداف التنموية لا يجب أن يتعارض بأي صورة مع حماية البيئة واستدامتها”.

تجارب متوافقة مع متطلبات المستقبل

ظهرت نتائج هذا التوجه بعدد من الوجهات السياحية المستدامة في الشارقة، فخلال الأعوام السابقة شكّل “نُزل القمر من مسك” في “منطقة مليحة” وجهة التخييم التي تلبي معايير الفخامة في أحضان الطبيعة لهواة وعشاق السياحة البيئية، إلى جانب قربه من مواقع تاريخية تعود لفترة ما قبل الإسلام والعصر البرونزي، كما بات “نُزل الرفراف من مسك” في مدينة كلباء، الذي يقع بين 500 هكتار من أشجار القرم في “محمية أشجار القرم”، مقصداً لمحبي الحياة البرية، لما تمتلكه من تنوع يشمل الطيور المائية وأنواع مختلفة من السلاحف.

اكتشاف أسرار الطبيعة من الشواطئ حتى سفوح الجبال

وسجلت الإمارة باستحداثها مشروع “سفاري الشارقة”، امتلاكها أكبر سفاري في العالم خارج القارة الأفريقية، مقدمة فرصة نادرة للاطلاع على طبيعة الحياة البرية بـ12 بيئة مختلفة تحتضن أكثر من 120 نوع من الحيوانات البرية يصل عدد حيواناتها إلى 50,000 رأس، بالإضافة إلى تنوع الغطاء النباتي في السفاري الذي يحتوي على 100 ألف شجرة، تتيح تجربة التجوال في سهول السافانا دون مغادرة الشارقة.

من أبرز المواقع التي شكلت إضافة نوعية لوجهات السياحة البيئة في المنطقة، “متنزه الصحراء” الذي يكشف الأسرار الجيولوجية والنباتية في بادية الجزيرة العربية، في مسافة غير بعيدة من مدينة الشارقة على طول طريق الذيد السريع، فيما تعد “محمية واسط الطبيعية”، بيئة متنوعة تجمع الكثبان الرملية الساحلية والمسطحات الملحية والبرك والبحيرات، يقدم “مركز الحفية لصون البيئة الجبلية” و”وادي الحلو”، مناطق واسعة من المناظر الطبيعية، تمزج المعالم المعمارية التاريخية، ببيئات الحيوانات البرية.

وضعت السياحة في الشارقة صورة حيّة لرؤية متكاملة تتبناها الإمارة منذ عقود تجاه الخيارات المستدامة والصديقة للبيئة في مشروعها الحضاري، فجاءت وجهات السياحة البيئية فيها، امتداداً لطابع المدينة العمراني والسكني، فهي الإمارة التي قدمت للمنطقة العربية نموذج “مدينة الشارقة المستدامة”، التي تعد أول مجمع سكاني مستدام في الشارقة يضم 1250 فيلا تعمل بالطاقة المتجددة، قامت على تطويره هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير “شروق”، ودايموند ديفلوبرز، على مساحة  7.2 مليون قدم مربع في منطقة الرحمانية في الشارقة، بهدف تقديم نمط حياة متوافق مع متطلبات المستقبل، يعتمد على مصادر طاقة بصافي انبعاثات صفرية.