أزمة لامبيدوزا: أخطر التحديات للبنيان الأوربي

7eNews

انفوغراف

 مصطفى طوسة

شكلت صور مشاهد قوارب المهاجرين الكثيرة وهي تنهال على الجزيرة الإيطالية لامبيدوزا صدمة قوية للرأي العام الأوروبي إذ لأول مرة تجسد في مخيلته نظرية الزحف الجماعي الذي لطالما تنبأت به بعض القوى السياسية التي بنت مجدها الانتخابي عبر الترويج لنظرية الاستبدال الكبير الذي سيأتي من أفريقيا ويستوطن في الفضاءات الأوروبية.

 

وقد تسببت هذه التطورات في تحرك أوربي عاجل إذ سارعت رئيسة المفوضية الاوروبية أورسولا فان دير لاين إلى زيارة جزيرة لامبيدوزا صحبة رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني في خطوة يراد منها التعبير عن تضامن أوروبي مع المحنك التي تمر بها السلطات الإيطالية.

 

هناك ثلاث عبر يمكن استخلاصها من هذه الأزمة. العبرة الأولى التوصل إلى اقتناع بان الصفقة الاقتصادية و الأمنية والسياسية التي وقعتها في الاونة الأخيرة دول الاتحاد الأوروبي مع تونس من اجل محاولة وضع حد لنشاط قنوات الاتجار بالبشر التي تستثمر في عملية نقل المرشحين للهجرة إلى الضفة الشمالية من المتوسط. ما يعني فشل واضح لهذه المقاربات الاوروبية التي تعول على أطراف خارجية لحماية حدودها ومنافذ دخول المهاجرين.

 

العبرة الثانية تكمن في ان هذه الأزمة تعتبر بمثابة هدية ثمينة لليمن الأوروبي المتطرف الذي يستعد لخوض معركة انتخابية حاسمة خلال الاستحقاق الاروبي المزمع عقده في شهر حزيران يونيو المقبل. قوى اليمين المتطرف ستستغل هذه المشاهد لتوجية انتقادات لاذعة للحكومة والتأكيد على عجزها في حماية الحدود الاوربية من هذه أمواج هده الهجرة الكثيفة التي تهدد وفق قناعتهم الأمن الاقتصادي و الاجتماعي لمواطنيهم.

 

أما العبرة الثالثة فتكمن في التحدي السياسي الكبير الذي تطرحه هذه الأزمة على أليات التضامن الأوربي لاستيعاب تداعياتها. القانون الاروبي يقول ان يجب على إيطاليا بلد الدخول التعامل مع طلبات اللجوء وبعد ذلك تتم عملية التوزيع العادل للوافدين الجدد. بعض البلدان الاوربية خصوصا الشرقية منها ترفض هذا المبدأ و تغلق أبوابها أمام استقبال حصتها من اللاجئين الجدد. الشيئ الذي يضع على المحك مبدأ التضامن الأوربي ويهدد باندلاع أزمة قد تعصف ببنيان الاتحاد الأوروبي.