هل من الطبيعي أن لا تشعر بالسعادة؟

د. ناديا بوهناد

جرت العادة أن يتم سؤال الشخص عما إذا كان سعيداً أم لا، وجرت العادة ايضاً أن الاجابة على مثل هذا السؤال تختلف من شخص لأخر وحتى خلال اليوم الواحد قد تختلف إجابة هذا الشخص حسب حالته المزاجية التي تتأثر بتغير المواقف التي يمر بها. فأنت قد تكون شخص سعيد فرح مبتهج في الصباح وانت تقوم بعملك أو عندما تكون مع اصدقائك، ولكن ما أن تعود إلى المنزل تشعر بالوحدة والتعاسة. و غيرك ربما يستيقظ من النوم وكل الأفكار السلبية المنفرة من الحياة تدور في ذهنه خاصة عندما يتذكر أن عليه التوجه لعمله، وهو الشخص نفسه ما أن يختلي بنفسه يشعر براحة بال ورضا وسعادة. ولأن شعور السعادة عام يسعى إليه معظم الناس، فأسباب السعادة لديهم أيضا تختلف.

هناك من يرى السعادة في جمع المال وتخزينه، وهناك من يرى السعادة في الاستمتاع بالمال، وهناك من يرى السعادة في الانجاز والنجاح. وهذا قريب إلى حد ما لتعريف ارسطو للسعادة التي قسمها إلى 5 أبعاد الصحة البدنية والمال وتحقيق الاهداف وسلامة العقل والسمعة الطيبة بين الناس. أما أفلاطون فيرى أن إلى جانب فضائل النفس والاخلاق فان السعادة لا تكتمل إلا بسمو الروح عن الدنيا وغرائزها وشهواتها. وفي علم النفس السعادة هي ان تتمتع بالصحة النفسية المتمثل في التوازن بين الجانب الانفعالي في الاحساس باعتدال المزاج والجانب التأملي المعرفي في الوصول إلى مرحلة الشعور بالرضا.

هل بالفعل السعادة حالة طبيعية للانسان؟ وهل توفر الاكل والشرب والمال والحب يعني سعادة؟ وماذا عن تغير العواطف والحالات الوجدانية باستمرار ومن لحظة إلى أخرى ومن يوم إلى آخر وحتى خلال مواسم السنة، لذلك السعادة ليست حالة طبيعية مستمرة

هل السعادة هي حالة الشعور بالرضا والقناعة كما يرى البعض؟ نعم ولكن للحظات، لأن الرضا والقناعة أيضاً في حالة عدم الاستمرار.

هل عدم الشعور بالسعادة يعني أنك تُعاني من مشكلة ما أو أن هناك ثمة خطأ؟ كل المشاعر التي نمر بها هي طبيعية وجزء من شخصية الانسان، خلقها الله فيه بما فيها من سعادة وتعاسة. عندما تشعر بالسعادة تارة وبالتعاسة تارة أخرى فهذا يعني أنك شخص طبيعي. محاولة أن تكون سعيداً هو أن تضع نفسك تحت ضغوطات تجعلك أكثر تعاسة. لذلك تقبل ما لايمكنك السيطرة عليه وأعمل رويداً لتغيير حياتك للأفضل ولتكون لحياتك معنى وقيمة، تلك هي بوابة السعادة.