أوراق دمشقية – القلب جامعة

آخر نشرة أخبار

انفوغراف

د. نهلة عيسى

استعادة بلادي لمقعدها في جامعة الدول العربية بتوافق عربي, عودة إلى بديهية الأمور, وإعادة للتاريخ إلى مساره الطبيعي, لأن بلادي ليست فقط عضواً مؤسساً للجامعة, بل هي تتنفس العروبة, وتنقل عشقها إلى ناسها بالجينات, وبالغيوم العابرة, والورود التي تذبل قبل أن تكبر, والشجر الذي يموت واقفاً على أقدامه, والشوارع التي ترتدي جواربها السوداء عند كل مغيب, والحب الذي لا تستدعيه طبول العالم, ويأتيك طائعاً دونما مواعيد مؤجلة, والكلمات التي لا تقرع باب أحد مرتين, حيث صارت في بلادنا جملة “عروبة سورية” مثل صباح الخير!!

هي سبب في أن شعبنا منذ أكثر من عشر سنوات, في كل الجبهات, يطبطب على كتف شاب, حبيبته باتت بندقية, ويعانق آخر لم تحتضنه أمه منذ عام, ويتناول الطعام مع الرجال في كمائن عرائشها رصاص, وأسرتها رمال وحصى, ويضحك من كل قلبه على حكايات رعب يرونها نكاتاً, ثم يبكي أنه ربما في المرة القادمة, لن يرى بعض هذه الوجوه!؟

هي سبب في أن بلادي احتملت لعشرية, ليس فقط العيش في فوهة مدفع, بل أيضاً العيش بالحدود الدنيا للوجود والبقاء, لأنها كانت تؤمن أن معركتها التي تخوض, مهما تنوعت تسمياتها, واختلطت تعريفاتها, وتداخلت تصنيفاتها, هي حرب كل الحروب, مع كل أعداء العرب, وعن كل العرب.

استعادت بلادي مقعدها في الجامعة, وفي هذا خير لجميع الأشقاء العرب, ولكن العروبة في بلادي لم تكن يوماً مقعداً في جامعة, بل كانت هي الجامعة التي تربينا فيها جميعاً, وتعلمنا فيها المشي, والتهجئة, والقراءة والكتابة, وكيف نعبد الرب, عبر الفخر بأننا عرب.