إضاءات على العرس الملكي الأردني

آخر نشرة أخبار

انفوغراف

الدكتورة حنين عبيدات

في الأول من حزيران من عام (2023) احتفلت العائلة الهاشمية والعائلة الأردنية والعربية، بزفاف ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله على صاحبة النسب والجاه السعودية الأميرة رجوة الحسين ، وذلك في عرس أسطوري استمر لعدة ساعات وقد حضره العديد من رؤساء وزعماء العرب والعالم وممثلين عن بعض الدول .
إضاءات على العرس الملكي الأردني :

أولا : حفلة حناء العريس 

حناء العريس من العادات والتقاليد الأردنية ، يجتمع فيها العريس مع أصدقائه واقربائه قبل يوم الزفاف في سهرة (تعليلة عرس) يحنى العريس وسط الأهازيج واغاني الحناء ، وتجتمع السيدات مع الرجال في بعض المناطق الأردنية لحناء العريس .

في مضارب إحدى القبائل الأردنية (مضارب قبيلة العبيدات) دعت سيدات القبيلة ولي العهد الأردني للحناء في مضارب القبيلة وسط أهازيج وزغاريد وأغاني تراثية للحناء ، وقد قدمت السيدات الشماغ الأردني المهدب هدية لولي العهد .

ثانيا : حفلة حناء العروس 
إن ليلة الحناء تعتبر من التراث الأردني العتيق كما هي عادة متجذرة في التاريخ العربي إلى الآن ، فتكون هذه الليلة عادة قبل يوم الزفاف بيوم أو بعدة أيام ، فيقوم أهل العريس بعمل هذه الليلة للعروس بوجود صديقاتها ومعارفها وأهلها ، و يجبل الحناء بالماء مع التراويد والزغاريد والأغاني التراثية ، فتقوم السيدات بنقش الحناء أو وضعه على يدي العروس .

فما أجمل هذه العادات الأردنية الأصيلة التي مازالت موجودة بيننا ولا نستطيع الإستغناء عنها لأنها جزء من ثقافتنا وحضارتنا .

وبناء على هذه الثقافة الحية أقيمت حفلة حناء للأميرة رجوة في الديوان الملكي العامر ، بحضور الملكة رانيا العبدالله والأميرات الهاشميات ووالدة الأميرة رجوة وعدد من سيدات المجتمع الأردني ، فكانت ليلة جميلة بتفاصيلها ، فأظهرت كل الجزئيات التي توضح عادات وتقاليد الأردن ، إن كان باللباس الذي كان يلبسه الحضور ، كالأثواب التراثية الأردنية التي تعبر عن الهوية الأردنية أو بنقش الحناء أو بالقهوة الأردنية ، وبالزغاريد والأهازيج والأغاني الفلكلورية التراثية ، بالإضافة إلى المحبة الصادقة التي كانت بالحفل من الحضور إلى الملكة رانيا وتبادل التهاني والأغاني والزغاريد ، والعفوية التي كانت تتمتع بها حبا وفرحا في دعوة السيدات للمشاركة معها في الفرح الصادق .
كانت ليلة الحناء ليلة أردنية سلطت عليها الأضواء من قبل الإعلام العربي و العالمي.

ثالثا : حمام الأمير الحسين .
طلع الزين من الحمام الله واسم الله عليه .
الهيلمان على طولو طولو يا عود الريحان.
الهيلمان على عيونو عيونو يا فتحة فنجان.

هذه بعضا من أهازيج حمام العريس في الأردن، العريس الذي يذهب لبيت صديقه برفقة عدد من أصدقائه للحمام ويغنون له الأغاني والأهازيج المختلفة خلال الحمام .

فكان حمام العريس الأمير الحسين ضمن العادات والتقاليد الأردنية الأصيلة ، فدعاه ابن عمه الأمير عمر بن الفيصل لمنزله برفقة عدد من الأصدقاء لعمل تقليد حمام العريس وسط الأهازيج والأغاني وبعد الإنتهاء ارتدى الأمير اللباس التقليدي الأردني الأصيل ، وهو الشماغ الأردني الأحمر والثوب الأردني والعباءة العربية وقد شارك في أهازيج وأغاني الحمام التراثية .

رابعا : مأدبة العشاء 
من العادات الأردنية الأصيلة الموجودة منذ التاريخ القديم و توارثتها الأجيال لأنها عادة محببة تقرب الأفراد من بعضهم وتعزز أواصر المحبة والألفة وتعبر عن الفرح العام للمشاركين في العرس ، إقامة مأدبة غذاء أو عشاء يوم الزفاف أو قبله أو بعده بيوم للأهل و الأقارب والمعارف و يسمى عند الأردنيين (القرى) بكسر القاف ، وهو عبارة عن تقديم (المنسف الأردني ) للمشاركين في العرس ، والمنسف هو الطعام الذي يشتهر به الأردنيون على مدى سنوات بعيدة ، وبعد الإنتهاء من (القرى) يزف الأهل والأصدقاء العريس مع الزغاريد وأغاني الزفة ، ويحتفل الرجال بالدبكة والدحية وسط حشد كبير من الناس .

وقبل يوم الزفاف وبتكليف من الملك عبدالله الثاني بن الحسين دعى رئيس التشريفات الملكية وبحضور الملك عبدالله بن الحسين وولي العهد الأمير الحسين ،عدد من الشخصيات السياسية والإجتماعية والإقتصادية ووجهاء وشيوخ الأردن ومن عامة الشعب إلى مأدبة عشاء (القرى) .

رحب الملك عبدالله الثاني بن الحسين في البداية ، بضيوفه في الديوان الملكي العامر وأهدى الملك عبدالله الثاني بن الحسين ابنه ولي العهد الأمير الحسين سيفا من سيوف بني هاشم وهو عبارة عن نسخة من سيف الملك عبدالله الأول، الذي صُنع في الحجاز عام 1916م.

وقد تخلل المأدبة الأغاني التراثية والفلكلورية التي قدمها فنانين أردنيين وفرق فلكلورية أردنية ، وزف الأمير الحسين إلى مكان المأدبة من أصدقائه وفرقة فلكلورية خاصة غنت الأهازيج والأغاني التراثية الأردنية ، وقد شارك الأمير في (الدحية) وهي نوع من أنواع الرقصات الشعبية البدوية الأردنية ،فرحا وحبا وابتهاجا .
وبعد الإنتهاء من مظاهر الفرح دعا الملك عبدالله بن الحسين الحضور لتناول طعام العشاء .

خامسا : يوم الزفاف 
هناك عادات مختلفة في طريقة الزواج في الأردن ، إذ أن بعض المواطنين يعقدون القران (كتب الكتاب) يوم طلب العروس من أهلها و يسموا ذلك (الخطوبة) ومن ثم يقرر موعد الزفاف بحفل كبير ، وبعضهم الآخر يقرأون الفاتحة يوم طلب العروس ومن ثم يكون عقد القران (كتب الكتاب) يوم الزفاف ، ويدعو الأردنيون في أعراسهم الأصدقاء والمعارف و الأهل وجمع كبير من الناس تقديرا ومحبة .

ومن العادات الأردنية الأصيلة هي استقبال الضيوف في مكان الزفاف وذلك بالوقوف للسلام عليهم واستقبالهم احتراما لهم و تقديرا و بعد الإنتهاء ينتقل أهل العروسين لمكان الحفل لبدء مراسم الإحتفال أو الإنتقال إلى مكان عقد القران لإتمام الزواج .

يوم زفاف الأمير الأردني في قصر زهران في العاصمة الأردنية عمان ، كان زخما بالضيوف من معظم دول العالم وبحضور العائلة الهاشمية وأهل الأميرة رجوة الحسين، فوقف الملك عبدالله الثاني بن الحسين والملكة رانيا العبدالله لاستقبال الضيوف، وبعد الإنتهاء انتقل الجميع الى مكان (عقد القران) ، ومن ثم دخل الأمير ببدلة الزفاف التي تشبه بدلة زفاف والده الملك عبدالله الثاني ، وثم وصلت الأميرة رجوة الحسين إلى قصر زهران برفقة الأمير هاشم بن عبدالله (الابن الأصغر للملك عبدالله الثاني بن الحسين) والأميرة ايمان بنت عبدالله والأميرة سلمى بنت عبدالله بسيارة صنعت عام 1968م .

تم (عقد القران) بحضور الملك عبدالله الثاني بن الحسين والعروسين ووالد الأميرة رجوة وإمام الحضرة الهاشمية وبمجرد إتمام عقد القران صدرت الإرادة الملكية السامية بإعطاء الآنسة رجوة آل السيف لقب (سمو الأميرة رجوة الحسين ) .

ومن العادات الأردنية القديمة والجديدة هو ما يسمى (الفاردة) ، فبعد انتهاء عقد القران او حفل الزواج يخرج العروسان بسيارة في موكب من السيارات التي تصطف خلف بعضها احتفالا بالعروسين و ايصالهما الى مكان سكنهما .

ومن التقليد الملكي الهاشمي هو، الموكب الأحمر : هو تقليد ملكي هاشمي أردني منذ تأسيس الأردن ، يجوب شوارع العاصمة بوجود حشود من المواطنين على حواف الطرقات ترحيبا واحتفالا بالفرح الملكي .
يجهز الموكب من قبل التشريفات الملكية ببروتوكول معين واعداد سيارات تكون بتشكيلات معينة ، وبوجود عدد من الحرس الملكي والخيول والدراجات النارية .

ومن أجمل الصور التي شكلها الموكب الأحمر هي ، تشكيل العلم الأردني بألوانه التي تعبر عن الحضارات التاريخية التي سكنت الأردن ، صورة لفتت أنظار العالم ، لأن الأردن كان حاضرا في كل تفصيل وجزء ولأن العلم الأردني هو هوية الأردن وجزء عظيم من هذه الدولة العريقة .

وصل الموكب الأحمر الى قصر الحسينية في العاصمة عمان وكان في استقبال العروسين الملك عبدالله الثاني بن الحسين والملكة رانيا العبدالله وعدد من الحضور، ودخل العروسان الى القصر بزفة كان قد غناها الفنان العربي محمد عبده والفنان الأردني عمر العبداللات، ومن ثم بدأت تفاصيل الحفل، فغنى المطربون وأدت الفرق الفلكلورية استعراضات جميلة والتي مثلت جميع أطياف المجتمع الأردني وثقافاته ، ومن ثم سلم الحضور مباركين للعروسين ، ومن ثم اجتمع افراد العائلة الهاشمية مبتهجين فرحين بعرس إبنهم ولي العهد على أغنية(يا بيرقنا العالي) ، وبعد الإنتهاء من الحفل، بدل العروسان بدلات العرس ببدلات أخرى عند بدء مأدبة العشاء الرسمية في قصر الحسينية والتي كانت تكريما لضيوف الأردن، وقد ارتدى الملك عبدالله الثاني بن الحسين اللباس التراثي الملكي ووضعت الملكة رانيا العبدالله التاج الملكي على رأسها وقد سلما والعروسين على ضيوف الأردن لحضور مأدبة العشاء .

الأردنيون على مر التاريخ أصحاب حضارة وتاريخ، وكان زفاف ولي العهد الأردني قد سلط الضوء على الأردن ثقافة وعادات وتقاليد، وسلط الضوء على علاقة الشعب بالعائلة الهاشمية وهي علاقة احترام ومحبة وولاء ، هكذا هم الأردنيون علاقتهم مقدسة مع بعضهم، وعلاقة تاريخية هامة في بناء الأردن والرفعة به.