المحاصيل الاستراتيجية بين الاهتمام المفترض والاستهداف

آخر نشرة أخبار

انفوغراف

مختلف بلدان العالم تضع بين أبرز أهداف موازناتها وخططها الاقتصادية، قضية الأمن الغذائي وما تتطلبه من إجراءات منها الاهتمام الواجب بـ(المحاصيل الاستراتيجية) التي تشكل العمود الفقري لتحقيق الأمن الغذائي وبصورة أعم وأشمل الأمن الوطني برمته..

من هنا وجدنا على سبيل المثال في النموذج العراقي الذي تستفحل فيه حالات الاستهداف والابتزاز بمختلف ميادين ومحاور خططه الاقتصادية، نجد ظاهرة استهداف المحاصيل الاستراتيجية بوصف ذلك نهجا خطيرا يستهدف الأمن القومي بمقتل..

هنا لا يقف الأمر عند اعتراض فعل الزراعة وفقرات أنشطتها بل ربما يغضون الطرف عن فعل الزراعة نفسه بقصد التربص ليذهبوا بعد ذلك إلى الأبعد باستهداف مخرجات جهود الفلاح العراقي حيث تأتي حرائق الحنطة كالتي اُرتُكبت في النجف على المحصول الاستراتيجي من جهة وتطعن الفلاح وجوديا لتفرض عليه حالا من الانكسار والشعور المضاعف بالخسارة والاحباط وتدفعه لترك الريف بمعنى تخريب الحقل الرئيس الأول للاقتصاد الإنتاجي في العراق…

وفي مثال مصر العربية والسعودية والإمارات نجد هذه البلدان وغيرها عديدة أخرى اهتمت بوضوح بالمحاصيل الاستراتيجية ووسائل توفيرها بأقل التكاليف من جهة وبما يحفظ الأمن الغذائي ومن ثمّ الأمن الوطني حيث استقلالية القرار وتمكين البلاد من الأداء الإنتاجي المميز المستجيب لاستراتيجيات الخطط الاقتصادية الكبرى…

لكننا كما أوردنا، نجد أن مواسم حصاد المحصول الاستراتيجي في العراق عادة ما تعرض للحرق والإتلاف دع عنكم عدم وجود الدعم المطلوب لزراعته والأسمدة والأمواه بخلاف ظواهر بيئية من جفاف ومتغيرات مناخية غير مؤاتية لم يجر التعامل معها [من طرف الدولة] لا من قريب ولا من بعيد!

فالحصص المائية متروكة لنهب دولتي الجوار إيران التي قطعت آخر قطرة ماء وتركيا التي تضحك على الذقون بإرسال كميات لا علاقة لها بحجم الحصة المنتظرة على وفق القوانين والعهود الدولية!

ومن جهة جرائم حرق الحنطة وكل المحاصيل الاستراتيجية لا نجد سوى استنكارا رسميا لم يترك للفلاح ما يقوله بهذي الوقائع الإجرامية المرتكبة بحقه وبحق الأمن الوطني والقومي! وهكذا تمر الجرائم وكأن شيئا لم يحدث ولم يكن!! أليست تلك تغطية على المجرم كونه معروف المرجعية حيث المستفيد من خراب الاقتصاد الوطني العراقي مازال منذ عشرين سنة عجافا يمتص خيرات البلاد وأهلها ويبتزهم بتقديم منتجه الزراعي حتى منه الخضراوات ومنتجات حيوانية أولية بسيطة بأسعار تدر عليه الدولار المحروم منه دوليا!

كيف يمكن تمرير كل تلك الجرائم بلا وصول إلى من يقف وراءها ويرتكبها سواء ارتكبها بصورة مباشرة أو بوساطة منفذين مأجورين!!؟

لقد طفح كيل الفلاح العراقي تجاه ما يجري في اليوم؛ وعندما يقارن الشعب أوضاعه بدول المنطقة وهو الغني بثرواته وبقدرات أبنائه على الإنتاج يجد أن نهج الاقتصاد الريعي من جهة أي التشغيلي لا الاستثماري وإهمال البيئة وتخريب مصادر الحياة فيها من مصادرة المياه وحرق الغابات و\أو تجريفها وإتلافها، قد تركت الأرض الخصبة لتبور وتصير أرضا يباباً مع اتساع التصحر وغزوه ما تبقى من بساتين ومزارع…

فلتتحرك قوى الشعب المنتجة بنهج منظَّم لمجابهة المعضلات التي استفحلت ولتفرض مطالبها في حماية جهودها ومنتجاتها بخاصة هنا من المحاصيل الاستراتيجية قبل استفحال جرائم التخريب والحرق وهي ما يماثل جرائم إبادة الحياة من زرع وضرع!!

وليكن العراق في حضن عربي باتت يخطط استراتيجيا لمستقبله بالعقل العلمي والضمير الجمعي الأكثر وعيا ونضجا.