تشوهات المحاصصة ومخاطرها على البنيتين الفوقية والتحتية للمجتمع

آخر نشرة أخبار

انفوغراف

تداعيات مفهوم (المحاصصة) السائد اليوم، تطفو بفجاجة عندما ننظر إلى أشكال ما تصطنعه من احتقان وشحن وتوتر يتغوَّل وجودياً ليصير احتراباً، بما يصل في مداه إلى حد التصفيات الدموية فتتبدى وحشيتها بالهوية الإرهابية؛ تلك التي يعلو صوتها على صوت الدولة وعمل مؤسساتها؛ كما نرى ذلك اليوم بالمشهد العراقي بامتياز!

إنَّ مشكلة المحاصصة بوصفها مصطلحاً للفكر السياسي السائد لا تكمن في توزيع المهام بقصد تحمّل المسؤوليات بقدر ما تكمن في فرض تشوّهات منطقها أو نهجها المختلف نوعياً بغاياته ومآربه، على البنى التكوينية للمجتمع والدولة.. وهي هنا [أي المحاصصة] لا تكتفي بكونها نهجاً متجذراً يأتي على حساب (المواطنة) في دولة مدنية يسودها القانون، بل وتكون على حساب المكونات المجتمعية وطبقات الشعب وهوياتها مما تزعم تمثيلها!

فالمحاصصة كما نرصدها، هي منهج يُعنى بتقسيم (كلِّ) شيء لصالح طبقة كربتوقراط تتشكل لحماية نظامها المافيوي الفاسد [الكليبتوقراطي] حيث يجري تشييء الإنسان وتحويله إلى سلعة تباع وتُشترى مثل كل الأشياء التي يحيلونها إلى (الغنيمة) وتقاسمها او تحاصصها، في طريق تقييد الإنسان بالأغلال والأصفاد ومن ثمّ استعباده والمجتمع برمته…

فلنتفكر ونتدبر، قبل تغييب الدولة نهائياً، ما سيعني وقوع المجتمع مجدداً بنظام العبودية المطلقة بعد تفكيكه لتتسيَّد تشكيلات قبلية عشائرية وطائفية على بنى تجتر تشكيلات ما قبل الدولة الحديثة لتشيع منظوماتها القيمية على الذهنية العامة!

وهنا تسطو منظومة المحاصصة بأدواتها ونهجها على البنيتين الفوقية والتحتية.. فهي من يدير منطق الخرافة وذهنية إقرار ما يحدث بصورة قدرية تفرض الاستسلام والخنوع لمرجعيات ذلك التفكير من جهة وهي من يمسك بزمام اقتصاد (ريعي) يمثل غنيمة قوى المحاصصة، التي نشهدها تتستر عراقياً، برداء التدين والقدسية المصطنعة المزيفة تحديداً وحصراً…

 

إن هذه الومضة تحيل إلى مجريات واقع عراقي تراجيدي قد يعيش الإنسان الفرد فيه بقوت يومه، ولكننا على يقين من أنه: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ويكون إنسانا أو يحظى بحياة حرة كريمة!

بلى، فلنتفكر ونتدبر ونبحث عن عودة الروح الوطني عبر بوابة الوعي بمنطق يمكنه التصدي لما أوقع العراق والعراقيين وعدداً من مجتمعاتنا العربية وشرقالأوسطية بقبضة التفتيت والتشظي والتفكيك المتأتي من المحاصصة والواقع أسير نهجها وتشوهات مفهومها بكل ما يأتي به من تبريرات وذرائع للمناورة ولمواصلة أو إدامة وجوده وسطوة بلطجته على الحياة العامة!!