تعليم المهارات: في سبيل نقلة نوعية في التعليم الجامعي

آخر نشرة أخبار

انفوغراف

ليس سراً أن تركيز الجامعات تقليدياً انصب على تزويد طلابها بالمعارف الأكاديمية ضمن تخصصاتها العلمية وسواها، لكن في ضوء التطورات التي تحدث كل يوم في العالم والتغيرات التي لم يشهد لها العالم مثيلاً من قبل، أصبح لزاماً على الجامعات التركيز وبشكل منهجي جاد على إكساب الطلاب المهارات العملية المتكاملة التي تكفل لهم تحقيق النجاحات على المستوى المهني بعد تخرجهم، وتضمن لمجتمعاتهم وبلدانهم تحقيق أقصى استفادة من هذه الكفاءات.

هذا المطلب الضروري هو ما ناديت وأنادي به دائماً في المنتديات والملتقيات والمحافل العلمية التي أرتادها، وفي المحاضرات التي أقدمها والندوات التي أشارك فيها، والذي تناولته تأصيلاً وتفصيلاً في كتابي الذي صدر مؤخراً تحت عنوان “التعليم من أجل المهارات، تعليم من أجل الخمسين”. ولتبيان الأمر أقول: ما أكثر الأسباب التي تستدعي من الجامعات إكساب طلابها المهارات العملية، وأولها اشتداد التنافسية في سوق العمل، إذ أنه بالنظر إلى طوابير الخريجين التي تطول يوماً بعد يوم، غدت الشركات والمؤسسات تبحث عن خريجين لا يتمتعون فقط بتعليم أكاديمي متميز، بل أيضاً بمهارات عملية وخبرات مستفادة حتى قبل يومهم الأول في العمل.

سبب آخر لضرورة تنكب الجامعات مهمة تعليم المهارات للطلاب هو السرعة الفائقة التي تتطور بها التكنولوجيا وتطبيقاتها هذه الأيام وبالتالي بيئات العمل ذاتها، والتي تفرض على الخريجين امتلاك القدرة والكفاءة على سرعة التكيف وتعلم المهارات الجديدة. فلو استعرضنا مختلف المجالات الاقتصادية والمهنية لوجدنا أن المعارف الأكاديمية التخصصية المحضة التي كانت في يوم ما كافية لنجاح الخريج في سوق العمل لم يعد لها ذلك البريق ولا تلك الجاذبية.

علاوة على ذلك، ما ينبغي الانتباه له هو مواصلة الجامعات في العالم العربي تدريس مناهج هدفها تخريج موظفين، وهو الأمر الذي لا يغيب عن عين الملاحظ، ما ساهم في خلق مزيد من المصطفين في طوابير الوظائف على مدى العقود السابقة، وهو ما أدركته جامعة حمدان بن محمد الذكية مبكراً من

خلال تركيزها وطرح شعار “تخريج رواد أعمال لا طلاب وظائف”، فلا بد من تزويد الخريج بالمقدرات والكفاءات والمهارات التي تمنحه الثقة والمعرفة والخبرة لتأسيس أعمال ومشاريع تستوعب الباحثين عن العمل.

أخيراً وعلى مستوى الدولة، وبالنظر إلى الخطوات العملاقة التي تخطوها دولة الإمارات العربية المتحدة بوحي من الرؤية السديدة للقيادة الرشيدة، وفي شتى الصناعات الحديثة المتطورة، لا بد لنا من تعليم يرتقي إلى هذا المستوى من الإنجازات والطموحات، ولا يكون ذلك بتأبيد المنظومة التعليمية التي سادت لعقود بل بإحداث تغييرات جوهرية تضمن لنا تخريج أجيال مؤهلة على أعلى مستويات التأهيل للتصدي لتحديات العصر وتمكين البلاد من مواصلة سيرها الحثيث لاحتلال مكانها ضمن مصاف الدول المتقدمة.