سوريا والحضن العربي… الإمارات نموذجاً

آخر نشرة أخبار

انفوغراف

المتابع للملف السوري يدرك دقة الوضع القائم، وحجم الأزمة وضبابية الموقف الدولي وقتامة المشهد القادم في ظل تحديات جسام تعتري أفق الحل. منها ما هو داخلي، ومنها ما يتعلق بطبيعة التحالفات الداخلية دون إغفال لطبيعة ودور الصراع الروسي الأمريكي الفرنسي على زيادة مساحات النفوذ بما يتواءم مع مصالحهم الاستراتيجية والتي تتجاوز المصالح الثنائية إلى أفق المغالبة المهلكة في إدارة الصراع وبما يبقي لهم من مساحات النفوذ السياسي والعسكري في المنطقة.

والمربع الثاني الذي يشهد تنافساً مؤلماً على قدر ومقدرات الشعب السوري يتمثل في النفوذ الإقليمي ومحاولة السيطرة على قرار النظام السوري والمعارضة على حدٍ سواء،  حتى وإن كان بعناوين حماية الدولة السورية من جانب إيران وميليشياتها من جهة، وحماية اللاجئين والنازحين ولجم القوى الكردية التي تدعم حزب العمال الكردستاني من وجهة النظر التركية من جهة أخرى، دون الالتفات الفعلي لمصالح الشعب السوري ووحدة أراضيه من مخاطر التقسيم والإرهاب والاحتلال العسكري الفعلي وإن كان بمسميات أخرى.

الاختراق العربي الفعلي الأول للشأن السوري كان من جانب دولة الإمارات العربية المتحدة التي تبنت دبلوماسية هادئة فاعلة تقوم على التخلي عن سياسة عزل النظام السوري والإسهام قدر الإمكان في النقل التدريجي للملف السوري إلى حضن الجامعة العربية بما يمكن فرقاء الأزمة السورية من انتهاج سياسة حوار واقعية تلتقي فيه المعارضة والنظام في منتصف الطريق، وتعود فيها سوريا إلى فضائها العربي الرحب عضواً فاعلاً ومحورياً في التعامل مع أزمات المنطقة وفي مقدمتها المصالحة الوطنية والقضية الفلسطينية.

الأردن بحكم موقعه المجاور والمهم وعلاقاته الدولية المميزة مع روسيا وأمريكا وتركيا والاتحاد الأوروبي، انتهجت سياسة عقلانية وواعية رغم حساسية الوضع الأمني على حدودها مع الميليشيات الإيرانية التي تشكل تهديداً لأمنها وأمن دول الخليج العربي، ومع ذلك بقيت على مسافة آمنة من أطراف الصراع، ومن الممكن أن تلعب دوراً مهماً ومحورياً في إطار الجامعة العربية بمساعدة مصر والسعودية والإمارات والجزائر وعُمان والعراق؛ لمحاولة رأب الصدع بين الفرقاء، والإسهام في إزالة الجمود من الحوار الداخلي السوري، وبالتعاون مع الأمم المتحدة وأطراف النفوذ على الأرض السورية.

 وبالنتيجة فإن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من استمرار الأزمة وإدامة الصراع، وبالمقابل فإن نجاح الدول العربية في نقل معالجة الأزمة إلى الجامعة العربية سيقوض مع الوقت التدخل والنفوذ الإيراني والتركي الذي تمدد واستشرى في ظل عدم وجود موقف عربي موحد من الحلول الممكنة للأزمة، وتخلي العرب عن مقاربة واقعية تحقن الدم السوري، وتحافظ على وحدة سوريا ومصير شعبها المشرد بين اللجوء والشتات، ويعيد للأذهان الحقيقة الماثلة أن الأمن العربي جزء لا يتجزأ، وأن الحل العربي سيحرج كل المتدخلين في الشأن العربي فيغادرون الأرض العربية إلى غير رجعة.