تفتيش

آخر نشرة أخبار

انفوغراف

د. عبدالله الخياط

في إحدى رحلاتي العائلية وقبل رحلة العوده، هممت بترتيب حقائب الأمتعة بغرض تفادي التأخير وتفادي الوزن الزائد، وبعد أن انتهيت من ترتيب حقيبتي، انتقلت لمساعده أمي لترتيب حقيبتها، فاكتشفت أنها جلبت معها الشاحن المتنقل والمعروف باسم “باور بانك” في حقيبة الامتعة ويعتبر ذلك من الممنوعات في شرع الطيران حيث يتم إبقاء هذه البطاريات في حقائب مقصورة الطائرة أثناء السفر ، فقمت بتعريفها بأهمية الإلتزام بالإجراءات وعدم المخاطره.

رتّبت الحقيبة بعناية فهي حقيبة “ست الحبايب”، كنت اتعمد صف الأمتعه بحيث لا تتعرض للتلف أثناء الرحله، محاولاً التعبير عن حبي لها بالاهتمام بمتعلقاتها، ثم طلبت من الفندق وزن الحقائب لتفادي إجراءات المطار،  كان كل شي يبدو رائعاً حتى هذه اللحظة، بعد ذلك جلسنا نتسامر تمهيداً للنوم.

في اليوم التالي ذهبنا للمطار بكل ثقة، وطبعاً في وقت مبكر ليتسنى لنا الاستمتاع بالسوق الحره وغيرها من الخدمات التي اعتبرها شخصياً محطة مهمه في ترحالي، فهي بالنسبة لي رحلة منفصله تماماً عن الرحلة نفسها، وعند وصولنا للمطار كانت إجراءات تسجيل الدخول على الرحلة سلسه وبدون اي تعقيدات، بعد ذلك إتجهنا للسوق الحرة، واثناء المرور على المحلات لإقتناء شيء مميز أحتفظ به في صندوق الذكريات، وردني اتصال من رقم محلي، وهنا كانت الصاعقة، حيث تبين ان المتصل من شركة الطيران التي نسافر عليها، وابلغني بانه تعذّر عليهم إدخال جميع الحقائب للطائرة بسبب إشعار أمني على إحدى الحقائب، وأبلغني أن أنتظر في مكان محدد ليرسل لي من يصحبني لاستكمال الاجراءات، وهنا تسلل القلق إلينا جميعاً، ودار حوار طويل وتسائل الجميع عن صاحب الحقيبة المشبوهه؟

اصبح الوقت يمضي سريعاً على ساعتي، وبدأت أشعر بالقلق، واسترجعت أسوأ المواقف التي مررت بها في حياتي، تخيلت ان احداَ وضع لي ما يعطلني عن العودة، او هناك مخططات لخطفي أو إبتزازي، قطعت حبل خيالاتي موظفة من شركة الطيران واصطحبتني لمكان التدقيق على الحقائب، في الحقيقة كنت قلقاً من أن تكون حقيبتي هي السبب، وحاولت تذكر محتوياتها التي من المحتمل أن تكون سبباً في إحداث كل هذا التوتر، وأثناء السير  – من شده فضولي – حاولت بشتّى الطرق معرفة ملامح الحقيبة من الموظفة الا أنها لم تتمكن من وصفها.

عند الوصول الى المكان المخصص لتفتيش الحقائب المشبوهه، كانت الصدمة اكبر، طابور الانتظار كان طويلاً جداً والوقت المتبقي على الرحلة قصير والحقائب كثيره، هنا لمحت حقيبة مألوفه، انها حقيبة أمي، ماذا عساها تخفي هذه المرة؟

الوقت يمضي، والقلق يزيد، والخوف من أن تغادر الطائرة بدوني، وأخيراً وصل دوري في الطابور، وسألتني الموظفة هل تحمل في الحقيبة اي ممنوعات؟ فأجبتها: طبعاً لا، لقد رتبت هذه الشنطة بالذات بكل دقة، أجابت: حسناً ضعها في الجهاز، وحملت الحقيبة ذات 32 كلغ وكلي فضول لمعرفة المحتوى الممنوع، ثم أشارت الموظفة لمكان محدد في الحقيبة بعد فتحها، ولم اجد في المكان سوى حقيبة صغيرة للعطورات وبعض المساحيق، اخرجتها وسلمتها للموظفة قائلا: هذه؟ فأجابتني: نعم هذه، لم احتمل وقلت بكل ثقة وتحدي: انها للعطورات، افتحيها وتأكدي، فقامت بفتحها واخرجت منها .. “باور بانك” صغير.

الجدير بالذكر بان هذا الشاحن المتنقل في عداد المفقودات منذ اكثر من عام، واخيراً وجدته أمي بمساعدة موظفي الجمارك.

المقال السابق
المقالة التالية